الخميس، 31 مارس 2011

صفة إبليسية

صفة إبليسية


إن الصفات القبيحة في البشرية كثيرة، غير أن مما يزيد في قبح الصفة مشابهة الكائنات الخسيسة التي بلغت الغاية فيها، فإذا شبهه أحد بلادة آخر بحيوان عرف بالبلادة مثلاً، كان ذلك أشد من الوصف المجرد، وإذا ظهر هذا فاعلم أن إخلاف الوعود صفة لبعض أخس المخلوقات؛ إبليس الذي لعنه الله!
إن إخلاف الوعد صفة إبليسيه، وكفى بهذا منفراً ومباعداً عن الوقوع في تلك الخلة البغيضة، قال تعالى مخاطباً الشيطان: {وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: 64]، وقد أقر إبليس على نفسه بذلك وبين سوء هذا الصنيع وعاقبته الوخيمة، قال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22].
ولهذا فلا عجب أن (يتشنَّى)! بعض أبالسة الإنس بهذه الصفة، و(يتحلى) بخلافها المؤمنون، فكان إخلاف الوعد من صفات المنافقين البارزة مع الله ومع خلق الله، قال تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77]، وليس الأمر قاصراً على إخلاف الوعد مع الله سبحانه وتعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"(1)، وقال أيضاً: "أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصاً، من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها"(2).
ومن المتقرر عند أهل العلم أن النفاق نفاقان، نفاق أكبر، وهو ما كان في الاعتقاد بأن يبطن المرء الكفر ويظهر الإيمان، فهذا نفاق مخرج من الملة؛ ونفاق أصغر وهذا يقع كثيراً في العمل دون الاعتقاد، ولئن كان إخلاف الوعد من الثاني إلا أن الإنسان لا ينبغي أن يأمن على نفسه من النفاق الأكبر، ففي الحديث المذكور تحذير شديد من التخلق بهذه الصفات الذميمة، بل إن من العلماء من حمل الحديث على ظاهره، وهذا مدعاة لمزيد من الخوف والحذر، قال الحافظ رحمه الله في شرح الحديث الأول: (قال النووي هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلاً من حيث أن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره، قال: وليس فيه إشكال بل معناه صحيح، والذي قاله المحققون أن معناه أن هذه خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم قلت ومحصل هذا الجواب الحمل في التسمية على المجاز أي صاحب هذه الخصال كالمنافق وهو بناء على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر، وقد قيل في الجواب عنه أن المراد بالنفاق نفاق العمل كما قدمناه وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر لحذيفة هل تعلم في شيئاً من النفاق فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر وإنما أراد نفاق العمل، ويؤيده وصفه بالخالص، في الحديث الثاني بقوله كان منافقاً خالصاً، وقيل المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال وأن الظاهر غير مراد وهذا ارتضاه الخطابي وذكر أيضاً أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدناً، قال ويدل عليه التعبير بإذا فإنها تدل على تكرر الفعل كذا قال، والأولى ما قال الكرماني أن حذف المفعول من حدث يدل على العموم أي إذا حدث في كل شيء كذب فيه أو يصير قاصراً أي إذا وجد ماهية التحديث كذب، وقيل هو محمول على من غلبت عليه هذه الخصال وتهاون بها واستخف بأمرها، فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالباً، وهذه الأجوبه كلها مبنية على أن اللام في المنافق للجنس ومنهم من ادعى أنها للعهد، فقال أنه ورد في حق شخص معين، أو في حق المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتمسك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذلك لو ثبت شيء منها لتعين المصير إليه وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي والله أعلم)(3).
وقال أيضاً رحمه الله: (ووجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها منبهة على ما عداها إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث؛ القول والفعل والنية فنبه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النية بالخلف؛ لأن خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارناً للوعد، أما لو كان عازماً ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق. قاله الغزالي في الإحياء)(4)، وقد يستأنس لهذا بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجيء للميعاد فلا إثم عليه"(5).
والمقصود التذكير بخطر خلف المواعيد، والتنزه عن تلك الصفة الإبليسية ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، مع التخلق بضدها، أعني الوفاء بالوعد وصدق المواعيد، فإن الكمال لا يكون في نفي العيب مجرداً، والله تعالى لما نفى نفى عن نفسه سبحانه خلف المواعيد، أثبت لنفسه ضدها، وما جاء النفي إلاّ في سياق يقتضي إثبات كمال، فهو سبحانه موصوف بالكمالات كلها، ومنفية عنه النقائص كلها، ولولا أن الخلف من النقائص في حقه سبحانه وتعالى لما نفاه عن نفسه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31]، وقال: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 6]، وقال أيضاً: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} [الحج: 47]، وقد أدرك المؤمنون هذه الحقيقة الجلية فنفوا عن الرب تبارك وتعالى هذه النقيصة، كما أخبر الله عز وجل عنهم قولهم: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194]، والمؤمن يسعى دوماً للكمال وللترفع عن النقائص التي أمره الله بالترفع عنها، والتخلق بضدها لينال رضوان الله عز وجل، فما دام الأمر كذلك كان حرياً بالمؤمن أن يلتزم بوعوده ومواعيده ولا يخلف شيئاً منها، وحتى يكون له ذلك فلا بد أن يمسك عن إعطاء بعض الوعود، ولا يعد إلاّ بعد أن يفكر ويقدر، فإن فكر وقدر احتاط بعد للوفاء، جعلني الله وإياك من الموفين، والحمد لله رب العالمين.

منقول

الأحد، 27 مارس 2011

العلمانيون.. وسخرية لا تضر إلا أصحابها

الصداع وأسبابه وعلاجه

ما جاء في علاج الصداع والشقيقة / صحيح الطب النبوى







أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع ، غلف رأسه بالحناء ،

ويقول : "إنه نافع بإذن الله من الصداع".


أخرجه ابن ماجة (3502) ،وأبو داود (385) ، وأحمد (6/462) ، والهيثمي في "المجمع" (5/95)


من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي ،

صدع ، فيغلف رأسه بالحناء .



قال الهيثمي : وفيه الأحوص بن حكيم،وقد وثق ، وفي ضعف كثير ، وأبو عون لم أعرفه.


وفي "الصحيح" ، أنه قال في مرض موته : "وارأساه"

وكان يعصب رأسه في مرضه ، وعصب الرأس ينفع في وجع الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس .


أخرجه البخاري (10/ 105) في المرض .


قال ابن القيم رحمه الله تعالى : والصداع : ألم في بعض أجزاء الرأس أو كله ،

فما كان منه في أحد شقي الرأس لازماً يسمى : شقيقة ،

وإن كان شاملاً لجميعه لازماً ، يسمى : بيضة وخودة تشبيهاً ببيضة السلاح التي تشمل على الرأس كله ،

وربما كان في مؤخر الرأس أو في مقدمه .


زاد المعاد (4/7) .


عن سلمى امرأة أبي رافع قالت : ما سمعت أحداً قطٌّ يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً في رأسه

إلا قال له "احتجم" ، ولا وجعاً في رجليه إلا قال "اخضبهما" .


وفي رواية عنها : كان إذا اشتكى أحد من رأسه قال : " اذهب فاحتجم "، وإذا اشتكى رجله قال :

" اذهب فأخضبها بالحناء ".


رواه أحمد ، وأبو داود . السلسلة الصحيحة (2059) ، صحيح الجامع رقم (4671) .


قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى عن الصداع :


وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة ، وحقيقة الصداع سخونة الرأس واحتماؤه لما دار فيه من البخار الذي يطلب

النفوذ من الرأس فلا يجد منفذا فيصدعه كما يصدع الوعاء إذا حمى ما فيه وطلب النفوذ فكل شيء رطب

إذا حمى طلب مكانا أوسع من مكانه الذي كان فيه فإذا عرض هذا البخار في الرأس كله بحيث لا يمكنه

التفشي والتحلل وجال في الرأس سمى السدر ،



والصداع يكون عن أسباب عديدة :

أحدها : من غلبة واحدة من الطبائع الأربعة ،


والخامس : يكون من قروح تكون في المعدة فيألم الرأس لذلك الورم للاتصال من العصب المنحدر

من الرأس بالمعدة ،


والسادس : من ريح غليظة تكون في المعدة فتصعد إلى الرأس فتصدعه ،


والسابع : يكون من ورم في عروق المعدة فيألم الرأس بألم المعدة للاتصال الذي بينهما ،


والثامن : صداع يحصل من امتلاء المعدة من الطعام ثم ينحدر ويبقى بعضه نيئا فيصدع الرأس ويثقله ،


والتاسع : يعرض بعد الجماع لتخلل الجسم فيصل إليه من حر الهواء أكثر من قدره ،


والعاشر : صداع يحصل بعد القيء والاستفراغ إما لغلبة اليبس وإما لتصاعد الأبخرة من المعدة إليه ،


والحادي عشر : صداع يعرض عن شدة الحر وسخونة الهواء ،


والثاني عشر : ما يعرض من شدة البرد وتكاثف الأبخرة في الرأس وعدم تحللها،


والثالث عشر : ما يحدث من السهر وحبس النوم ،


والرابع عشر : ما يحدث من ضغط الرأس وحمل الشيء الثقيل عليه ،


والخامس عشر : ما يحدث من كثرة الكلام فتضعف قوة الدماغ لأجله ،


والسادس عشر : ما يحدث من كثرة الحركة والرياضة المفرطة ،


والسابع عشر : ما يحدث من الأعراض النفسانية كالهموم والغموم والأحزان والوسواس والأفكار الرديئة ،


والثامن عشر : ما يحدث من شدة الجوع فإن الأبخرة لا تجد ما تعمل فيه فتكثر وتتصاعد إلى الدماغ فتؤلمه ،


والتاسع عشر : ما يحدث من ورم في صفاق الدماغ ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارق على رأسه ،


والعشرون : ما يحدث بسبب الحمى لاشتعال حرارتها فيه فيتألم . والله أعلم.


ثم قال : وسبب صداع الشقيقة مادة في شرايين الرأس وحدها حاصلة فيها أو مرتقية إليها فيقلبها


الجانب الأضعف من جانبيه وتلك المادة إما بخارية وإما أخلاط حارة أو باردة ،


وعلامتها الخاصة بها ضربان الشرايين وخاصة في الدموي وإذا ضبطت بالعصائب ومنعت الضربان سكن الوجع ،


وقد ذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي له أن هذا النوع كان يصيب النبي صلى الله عليه وسلم


قال : "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه بعصابة" ،


وفي الصحيح "أنه قال في مرض موته وارأساه وكان يعصب رأسه في مرضه" .


وعصب الرأس ينفع في وجع الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس .


وعلاجه يختلف باختلاف أنواعه وأسبابه :


،، فمنه ما علاجه بالاستفراغ ،


،، ومنه ما علاجه بتناول الغذاء ،


،، ومنه ما علاجه بالسكون والدعة ،


،، ومنه ما علاجه بالضمادات ،


،، ومنه ما علاجه بالتبريد ،


،، ومنه ما علاجه بالتسخين،


،، ومنه ما علاجه بأن يجتنب سماع الأصوات والحركات .اهـ . الطب النبوي(69) .



علاج الصداع وفوائد الحناء :



عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


"سيد ريحان أهل الجنة الحناء" .


"السلسلة الصحيحة" رقم (1420) ، "صحيح الجامع" رقم (3677) .


قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : إذا عرف هذا ـ [ أي ما جاء في الموضوع السابق ] ـ


فعلاج الصداع في هذا الحديث بالحناء هو جزئي لا كلي وهو علاج نوع من أنواعه ،


فإن الصداع إذا كان من حرارة ملتهبة ولم يكن من مادة يجب استفراغها نفع فيه الحناء ظاهرا ،


وإذا دق وضمدت به الجبهة مع الخل سكن الصداع وفيه قوة موافقة للعصب إذا ضمد به سكن أوجاعه ،


وهذا لا يختص بوجع الرأس بل يعم الأعضاء وفيه قبض تشد به الأعضاء ،


وإذا ضمد به موضع الورم الحار والملتهب سكنه .


وقد روى البخاري في تاريخه وأبو داود في السنن :


" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شكا إليه أحد وجعا في رأسه إلا قال : احتجم .


ولا شكا إليه وجعا في رجليه إلا قال له : اختضب بالحناء " . سبق تخريجه .


وفي الترمذي عن سلمى أم رافع خادمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت :


" كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها بالحناء ". سبق تخريجه .


والحناء بارد في الأولى يابس في الثانية وقوة شجر الحناء وأغصانها مركبة من قوة محللة اكتسبتها


من جوهر فيها مائي حار باعتدال ومن قوة قابضة اكتسبتها من جوهر فيها أرضي بارد .


ومن منافعه أنه : محلل نافع من حرق النار ، وفيه قوة موافقة للعصب إذا ضمد به وينفع إذا مضغ


من قروح الفم والسلاق العارض فيه ، ويبرىء القلاع الحادث في أفواه الصبيان ،


والضماد به ينفع من الأورام الحارة الملهبة ويفعل في الخراجات فعل دم الأخوين ،


وإذا خلط نوره مع الشمع المصفى ودهن الورد ينفع من أوجاع الجنب ،


ومن خواصه أنه إذا بدأ الجدري يخرج بصبي فخضبت أسافل رجليه بحناء فإنه يؤمن على عينيه


أن يخرج فيها شيء منه وهذا صحيح مجرب لا شك فيه ، وإذا جعل نوره بين طي ثياب الصوف


طيبها ومنع السوس عنها ، وإذا نقع ورقة في ماء عذب يغمره ثم عصر وشرب من صفوه أربعين يوما


كل يوم عشرون درهما مع عشرة دراهم سكر ويغذى عليه بلحم الضأن الصغير فإنه ينفع من ابتداء


الجذام بخاصية فيه عجيبة ، وحكى أن رجلا تشققت أظافير أصابع يده وأنه بذل لمن يبرئه مالا فلم يجد


فوصفت له امرأة أن يشرب عشر أيام حناء فلم يقدم عليه ثم نقعه بماء وشربه فبرأ ورجعت أظافيره إلى حسنها ،


والحناء إذا ألزمت به الأظفار معجونا حسنها ونفعها ، وإذا عجن بالسمن وضمد به بقايا الأورام الحارة


التي ترشح ماء أصفر نفعها ، ونفع من الجرب المتقرح المزمن منفعة بليغة وهو ينبت الشعر ويقويه


ويحسنه ويقوي الرأس وينفع من النفاطات والبثور العارضة في الساقين والرجلين وسائر البدن . اهـ .


الطب النبوي الطب النبوي (1/69- 70،229) .


الكتم ، روى البخارى في صحيحه ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال:


دخلنا على أم سلمة رضى الله عنها ، فأخرجت إلينا شعرا من شعر رسول الله فإذا


هو مخضوب بالحناء والكتم" .


وفي السننن الأربعة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :


"إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم" .


وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن أبا بكر رضي الله عنه اختضب بالحناء والكتم .


وفي سنن أبى داود عن ابن عباس رضى الله عنهما قال :


مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء ، فقال : "ما أحسن هذا" ،


فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال : "هذا أحسن من هذا" ،


فمر آخر قد خضب بالصفرة وقال : "هذا أحسن من هذا كله" .


قال ابن قيم الجوزية : قال الغافقي : الكتم نبت ينبت بالسهول ورقه قريب من ورق الزيتون


يعلو فوق القامة وله ثمر قدر حب الفلفل في داخله نوى إذا رضخ أسود ،


وإذا استخرجت عصارة ورقه وشرب منها قدر أوقية قيأ قيئا شديدا ، وينفع من عضة الكلب ،


وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد يكتب به ،


وقال الكندي : بزر الكتم إذا اكتحل به حلل الماء النازل في العين وأبرأها ،


وقد ظن بعض الناس أن الكتم هو الوسمة وهى ورق النيل وهذا وهم فإن الوسمة غير الكتم ،


قال صاحب الصحاح : الكتم بالتحريك نبت يخلط بالوسمة يختضب به ،


وقيل : والوسمة نبات له ورق طويل يضرب لونه إلى الزرقة أكبر من ورق الخلاف يشبه ورق اللوبياء


وأكبر منه يؤتى به من الحجاز واليمن ،


فإن قيل : قد ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه ، أنه قال : لم يختضب النبي صلى الله عليه وسلم ،


قيل : قد أجاب الإمام أحمد بن حنبل عن هذا ،


قال : قد شهد به غير أنس بن مالك رضى الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أنه خضب ،


وليس من شهد بمنـزلة من لم يشهد ، فأحمد اثبت خضاب النبي صلى الله عليه وسلم


ومعه جماعة من المحدثين ومالك أنكره ،


فإن قيل قد ثبت في صحيح مسلم النهى عن الخضاب بالسواد في شأن أبى قحافة لما أتى به ورأسه


ولحيته كالثغامة بياضا ، فقال : "غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد


والكتم يسود الشعر فالجواب من وجهين :


* أحدهما : أن النهى عن التسويد البحت ، فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء أخر كالكتم ونحوه فلا بأس به .


فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة فإنها تجعله اسود فاحما ،


وهذا أصح الجوابين ،


* الجواب الثاني : أن الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس كخضاب شعر الجارية


والمرأة الكبيرة تغر الزوج والسيد بذلك وخضاب الشيخ يغر المرأة بذلك فأنه من الغش والخداع ،


فأما إذا لم يتضمن تدليسا ولا خداعا .


فقد صح عن الحسن والحسين رضى الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد ،


ذكر ذلك ابن جرير عنهما في كتاب تهذيب الآثار ، وذكره عن عثمان بن عفان ، وعبد الله بن جعفر ،


وسعد بن أبى وقاص ، وعقبة ابن عامر ، والمغيرة بن شعبة ، وجرير بن عبد الله ،


وعمرو بن العاص رضى الله عنهم أجمعين ، وحكاه عن جماعة من التابعين منهم عمر بن عثمان ،


وعلى بن عبد الله بن عباس ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الرحمن بن الأسود ، وموسى بن طلحة ،


والزهري ، وأيوب، وإسماعيل بن معد يكرب رضى الله عنهم أجمعين ،


وحكاه ابن الجوزي عن محارب بن دثار ، ويزيد ، وابن جريج ، وأبي يوسف ، وأبي إسحاق ،


وابن أبي ليلى ، وزياد بن علاقة ، وغيلان بن جامع ، ونافع بن جبير ، وعمرو بن على المقدمي ،




















السبت، 26 مارس 2011

التغيير الذي نريد.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم






الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- التغيير سنة كونية - لا تدوم الدنيا لأحد.

(وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق:36-37)، (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ . أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج:45-46).

- والتغيير للإصلاح فريضة شرعية: (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود:88).

- الإصلاح من وجهة النظر الإسلامية هو في إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين:

أ- إقامة الدين:

1- الإسلام: أركان الإسلام الخمسة، وضرورة إقامتها في الناس، ليس فقط السماح لهم بإقامتها وترك الحرية لهم؛ بل حثهم ودعوتهم إلى إقامتها، وعقوبة مَن يتركها، ثم متممات هذه الأركان في التزام أحكام الشرع في المعاملات المختلفة: البيوع والأموال، والإجارات، والمضاربات، والشركات، والزواج، والطلاق، والمواريث، واجتناب الربا والميسر، والجنايات، والخصومات، وسائر الأنشطة الإنسانية.

2- الإيمان: أركان الإيمان الستة، ودور الأمة كلها -والحاكم خصوصًا- في نشرها والدعوة إليها، وتحقيق التوحيد بأنواعه، وهو الإيمان بالله، ومحاربة الشرك خاصة شرك القبور وشرك التحاكم إلى غير شرع الله -تعالى-، وشرك الرضا بالشرك والكفر والإقرار به، وعبادة الدرهم والدينار والشهوات، وتحقيق سائر أركان الإيمان علمًا وعملاً.

3- الإحسان: إصلاح القلوب: بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والإخلاص، والزهد، والصبر.

التخلي والتحلي: إصلاح الأخلاق بمقاومة الشهوات، والانحلال في علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع، والغش والكذب، والغيبة والنميمة، والرشوة، والرياء، والكسب الحرام، ونشر الفضائل: بر الوالدين، وصلة الأرحام، وغيرهما.

ب- سياسة الدنيا بالدين:

- إيجاد أنظمة الحياة الإسلامية التي تقود المجتمع إلى بناء الفرد المسلمالملتزم بالإسلام والإيمان والإحسان، وهذه الأنظمة هي فروض الكفاية.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ) (رواه الحاكم، وصححه، وحسنه الألباني).

- الولايات: الإمامة - ولاية المال والاقتصاد - التعليم - الإعلام والحسبة - الحرب والسلم - الجهاد في سبيل الله -تعالى-.

قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه).

عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِىَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ مَعْقِلٌ: "إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ؛ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)" (متفق عليه).

- والحكم بين الناس بالعدل: أي بالشرع في فصل الخصومات، وإقامة الحدود، والحقوق والعقوبات.

قال -تعالى-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50).

هل المشكلة هي مشكلة الفقر والمشكلة الاقتصادية؟

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (الأعراف:96).

- كيف صبر الصحابة -رضي الله عنهم- على الفقر؟

(مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه).

- كيف عالج الإسلام المشكلة الاجتماعية بالتكافل؟

الزكاة - الصدقات - الصلة - الإحسان إلى الجيران - إيجاب نفقة الفقراء على أقاربهم الأغنياء، ثم على بيت المال.

- أساس العلاج في الأمانة: وحرمة الأموال العامة أعظم من الخاصة "أحاديث تحريم الغلول".

قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ) (متفق عليه).

هل المشكلة سياسية؟

- (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129).

- وجوب تولية الأمناء الأكفاء: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص:26)، وحرمة تولية الخونة والمرتشين، واللصوص والجهلاء، ومتبعي الشهوات، ومَن لا كفاءة عنده.

- وجوب اختيار الأمثل فالأمثل بناءً على موازين الشرع: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا.. ) (الأعراف:155).

- صفات الإمام في الإسلام: تفسير القرطبي في قوله -تعالى-: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة:30)، وغياث الأمم للجويني.

هل المشكلة اجتماعية؟

وجوب التراحم والتعاطف، والتماسك ووحدة الأمة.

قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (رواه مسلم).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ (متفق عليه).

التغيير لا التدمير:

ليس التدمير والتخريب من وسائل التغيير - حرمة الدماء والأموال والأعراض.

قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) (متفق عليه).




د/ ياسر برهامي


شبكة ملتقى السنة

بحذف "الـ"..الجمل يسعى لنسف المادة الثانية من الدستور

أعلن الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال، أنه اتفق مع البابا شنودة بطريرك الأقباط الأرثوذكس خلال لقائه به يوم الاثنين على عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في مصر.

لكنه أشار في تصريحات لقناة "نايل لايف" الحكومية إلى إمكانية إجراء تعديل على المادة المذكورة فى الإعلان الدستوري المزمع إعلانه في غضون أيام، بإزالة حرف الألف واللام، بحيث تصبح المادة كالتالى "الإسلام مصدر رئيسى للتشريع"، وتضاف إليه المادة الخاصة بأن لكل أقلية الأحقية في الاحتفاظ بشريعتها، وأخرى لها علاقة بالأحوال الشخصية لأصحاب الديانات الأخرى.
ويقول خبراء دستوريون، إن الجمل- الذي أشرف على وضع الدساتير للعديد من الدول العربية- يهدف بذلك إلى الالتفاف على نص المادة بشكله الحالي، وفي الوقت ذاته يسعى لتفادي إغضاب الرافضين لإلغاء المادة التي تعبر عن الهوية الإسلامية لمصر، عبر اللجوء لهذه الحيلة اللغوية، في تغيير جوهري يسعى إلى التجاوب مع مطالب المسيحيين خصوصًا بإلغاء هذه المادة.

إذ أن حذف الألف واللام من كلمتي "المصدر" لتصبح "مصدر"، و"الرئيس" لتصبح "رئيس" يهدف إلى جعل الشريعة الإسلامية ضمن مصادر عدة للتشريع، وليس المصدر الرئيس كما هو النص حاليًا، وهو ما يتيح سن قوانين قد تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية من مصادر أخرى، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تفريغ المادة من مضمونها بشكلها الحالي عبر هذا التلاعب اللفظي.

وكان إدخال الألف واللام على المادة التي تم إقرارها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات جاء بمقترح من أحد اعضاء مجلس الشعب (البرلمان) فى السبعينات، حين تقدم عضو المجلس آنذاك محمود نافع بطلب تغيير المادة الثانية للدستور، بإضافة ألف ولام لكلمة "مصدر" وكلمة "رئيس"، بمعنى أن تصبح الشريعه الإسلامية تصبح "المصدر" بدلاً من "مصدر" وتصبح "الرئيس" بدلاً من "رئيس".

لتكون على النحو التالي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، حتى تلزم المشرّع عندما يصدر تشريعًا أن يكون مستمدًا من الشريعة الإسلامية لأنها المصدر الرئيس، وليس التعامل معها باعتبارها مصدرًا ضمن مصادر أخرى للتشريع وكما يهدف الجمل.
وحظي التعديل وقتذاك بموافقة ثلثي أعضاء المجلس، وبعد إقرارها من قبل البرلمان تم طرحها في استفتاء شعبي ليتم الموافقة على التعديل، ومنذ ذاك لم يطرأ أي تعديل على المادة، وأصبحت الشريعه الإسلامية هي "المصدر الرئيس للتشريع".

وبعد سنوات طويلة من هذ التعديل، سعى العلمانيون والكنيسة في مصر إلى إلغاء المادة بالكامل، بذريعة أنها تتعارض مع مفهوم المواطنة، وتتنافى مع وجود أقلية مسيحية في مصر، وصعد هؤلاء خصوصًا من مطالبهم بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير الماضي.

وصادف ذلك اختيار الدكتور يحيى الجمل نائبًا لرئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال، والذين دأب في الكثير من المناسبات على المطالبة بإلغائها، لكنه استشعر وجود اتجاه عام رافض لإلغاء المادة التي تعبر عن هويته فلجأ إلى حيلة التعديل اللفظي عليها بما يؤدي في النهاية إلى تهميشها، وإلغاء الهدف الحقيقي من التعديل الأول لها، مستغلاً في ذلك عدم التدقيق في المعنى من قبل الكثيرين، والتداعيات المترتبة على هذا الأمر لاحقًا.
وتأتي تلك المحاولة بعد أن فشلت محاولات الرافضين للتعديلات الدستورية التي تم التصويت عليها بـ "نعم" في استفتاء يوم السبت 19 مارس، في إحباط تمريرها من أجل إعداد دستور، تلغى منه المادة الثانية للدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في مصر، وهو ما يفسر حشد الكنيسة للمسيحيين إلى التصويت بـ "لا" على التعديلات.
ويرى محللون أنه لا يمكن قراءة موقف الجمل بمعزل عن محاولات التخويف من صعود الإسلاميين، واستخدامهم "فزاعة" كما دأب الرئيس المخلوع طوال سنوات حكمه، والذي كان يبرر للتشبث بالسلطة قبل أن يجبر على التنحي بعد نحو 30 عامًا بمخاوفه من صعود "الإخوان المسلمين"، والقارئ للمشهد العام في مصر يلحظ هذا التوجه، والذي يطغى على توجه وسائل الإعلام المصرية خلال المرحلة الأخيرة، عبر تسليط الضوء على تلك المخاوف التي هي برأي كثيرين محاولة لاصطناع أزمة، إدراكًا من جانب هؤلاء أن المزاج العام في مصر يبدو مؤيدًا للتيار الإسلامي عمومًا.
والجمل لا يخفي في أحاديثه الخاصة عداءه للإسلاميين، حتى أنه قال ذات مرة في احتفال بإحدى السفارات العربية حينما تطرق في كلامه عن حركة "حماس" عقب فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، إن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية إلا لمرة واحدة، وبعد وصولهم إلى الحكم يتراجعون عنها، على الرغم من التضييق الواضح على التيار الإسلامي في عموم الدول العربية والإسلامية.
ومؤخرًا، أثار الجمل عاصفة من الجدل بتصريحاته التي شن فيها هجوما شديدا على التيارات الاسلامية وخاصة السلفيين، ووجه اليهم انتقادات واتهامات شديدة وصلت الى التكفير، وقال عن الإسلاميين "إن عقولهم ضلمة" وقال عن السلفيين "إنهم ليسوا من الإسلام في شيء"، وقال بالنص "ربنا لو خد 70% يحمد ربنا"، قبل أيام من الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
الأمر الذي دفع المحامي ممدوح اسماعيل عضو مجلس نقابة المحامين إلى التقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، يطالب فيه بإحالة الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء إلى المحاكمة، بتهمة الإساءة للذات الإلهية وتكدير السلام الاجتماعي والإضرار بالوحدة الوطنية.
واعتبر في بلاغه، أن هذه العبارات تحمل الكثير من المعاني التي لا تليق بالله سبحانه وتعالى، وكان الأوجب على من فى مثل منصبه أن لا يتلفظ بها حتى لو كانت عقيدته الخفية، لأن المنصب يوجب عليه احترام طبيعة الشعب المصري المسلم المتدين. كما تصدى له بالرد العديد من الدعاة السلفيين الذين أثارهم حديثه بهذه اللهجة عن الذات الإلهية.



__________________






اللهم ولّ علينا خيارنا ، ولا تولّ علينا شرارنا..
اللهم هيئ لهذه البلاد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك



اللهم احقن دماء المسلمين في ليبيا وأرهم الحق حقا
وانصرهم وأعزهم ومكن لهم وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين






الأربعاء، 9 مارس 2011

تنبيه على عبارة : " لا تقل : يا رب عندي هَمّ كبير "

عبارة قرأتها كثيرا في أكثر من منتدى ، وفي أكثر من توقيع ، ومرّت بي العِبَارة كثيرا ! إلاّ أنها استوقفتني مَرّة مِن الْمَرّات ، فوقفتُ مُتأمِّلاً في قولهم : لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير ، ولكن قُل : يا هـمّ عندي ربّ كبير ! فتذّكَرتُ شَكوى نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام ، حينما بَثّ حُزنه وشكواه إلى الله ، فقال : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) .
قال ابن كثير في تفسير الآية : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي) أي : هَمِّي وما أنا فيه (إِلَى اللَّهِ) وَحْدَه . اهـ .

وقال ابن عادل الحنبلي : والبَثُّ : أشَدُّ الحزن ، كأنَّه لِقُوّته لا يُطاق حَمْله . اهـ .

وقال القاسمي : أي : لا أشكو إلى أحدٍ منكم ومِن غيركم ، إنما أشكو إلى ربي داعيًا له ، وملتجئا إليه ، فَخَلّوني وشِكايتي . ( وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ) أي : لمن شكا إليه من إزالة الشكوى ، ومَزِيد الرحمة : ( مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ما يُوجب حُسن الظن به ، وهو مع ظنّ عَبْدِه بِه . اهـ .

ووقفتُ مع شكوى الْمُجادِلَة .. (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ)

وفي بعض الآثار : " قالت : أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ووحشتي وفِراق زوجي " .

فالْهَمّ العظيم لا يُشكَى إلاّ إلى الله ؛ لأنه لا يَكشفه إلاّ الله .

فَشَكوى الْهَـمّ إلى الله مشروعة ، بل هي مطلوبة شرعا ..
واشتُهِر عن عليّ رضي الله عنه قوله : أشكو إلى الله عُجَري وبُجَري .
قال الأصمعي : يعني همومي وأحزاني .

قال أبو إسحاق الشيرازي :
لبِستُ ثوب الرَّجا والناس قد رقدوا *** وَقمِتُّ أشكوا إلى مولاي ما أجـدُ
وقُلتُ يا أمَلـي فـي كـلِّ نائبـة *** ومَن عليه لكشف الضُّـرِّ أعتمد
أشكو إليك أمـوراً أنـت تعلمهـا *** ما لي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ
وقد مدَدْتُ يدِي بالـذُّلِّ مبتهـلاً *** أليك يا خير من مُـدَّتْ أليـه يـدُ
فـلا ترُدَّنهـا يـا ربِّ خائـبـةً *** فبَحْرُ جودِكَ يروي كل مـنْ يَـرِد

ولا يعني هذا أن لا يُشكَى إلى غير الله ؛ لأن في الشكوى تخفيفا وتسلية ..
" وهذا ما لم يكن الـتَّشَكِّي على سَبيل الـتَّسَخُّط ، والصبر والتجلّد في النوائب أحسن ، والتعفف عن المسألة أفضل ، وأحسن الكلام في الشكوى سؤال المولى زوال البلوى " كما قال القرطبي .

وربما شَكَا الصحابة الكرام رضي الله عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يَجِدون ..

قَال خَبَّاب بْن الأرَتّ رضي الله عنه : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ .. رواه البخاري .

وقال رضي الله عنه : شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصلاة في الرمضاء فَلَم يُشْكِنا . رواه مسلم .

وفي المسْنَد : قال الزبير بن عدي : شَكونا إلى أنس بن مالك ما نلقى من الحجاج ! فقال : اصبروا فإنه لا يأتي عليكم عام - أو يوم - إلاّ الذي بعده شرّ منه ، حتى تلقوا ربكم عز وجل . سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم .

قال أبو طلحة رضي الله عنه : شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع .. رواه الترمذي .
وقال الحارث بن يزيد البكري : خرجتُ أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. رواه الإمام أحمد .

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو جارَه ... رواه أبو داود .

وعند البخاري من حديث عَدِيّ بْن حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلانِ ؛ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَة ، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ ...
والعَيْلة : هي الفَقْر .

قال القرطبي في تفسيره : فأما الشكوى على غير مُشْكٍ فهو السَّفَه ، إلاَّ أن يكون على وَجه البثّ والـتَّسَلِّي . اهـ .

وعلى كُلّ فإن قولهم : " لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير ، ولكن قُل : يا هـمّ عندي ربّ كبير " ، وإن كان ما قَصَدُوه وَاضِحًا ، إلاّ أنّ قولهم : " لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير " ، مُتضمّن لِعدم شكوى الْهَمّ إلى الله .. وهذا خِلاف المشروع من شكوى الْهَمّ إلى الله الذي بِيدِه مفاتيح الفَرَج ..

وأنشد بعضهم :
إذا الحادثات بَلَغْنَ الْمَدَى *** وكادت تَذوب لَهُنّ الْمَهْج
وحَلّ البلاء وقَلّ العَزاء *** فعند التناهي يكون الفَرَج

رمضان 1429 هـ


الشيخ

عبد الرحمن السحيم

السبت، 5 مارس 2011

الصلة بين التصوف والتشيع

الصلة بين التصوف والتشيع

ـ1- أوائل المتصوفة وعلاقتهم بالتشيع

يذكر الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه (الصلة بين التصوف والتشيع) أن أول من تسمى باسم الصوفي في الإسلام ثلاثة، هم جابر بن حيان، وأبو هاشم الكوفي، وعبدك الصوفي
فأما جابر بن حيان فقد كان تلميذاً لجعفر الصادق أو عبده، والشيعة يرون أن جابراً هذا من كبارهم وأنه أحد الأبواب (الباب عند الشيعة هو المتكلم باسم الإمام) وأنه ألف كتباً في التشيع، وكان له مذهب خاص في الزهد ويذكر القفطي صاحب كتاب (إخْبارُ العلماء بأخبار العلماء) أن جابر بن حيان هذا كان مشرفاً على كثير من علوم الفلسفة ومتقلداً للعلم المعروف بعلم الباطن وهو مذهب المتصوفين من أهل الإسلام كالحارث المحاسبي، وسهل بن عبدالله التستري ونظرائهم، وقد كان جابر هذا بارعاً في الكيمياء ويقول عنه صاحب كتاب روضات الجنات (وأما البارع في هذه الصناعة على الإطلاق -علوم الطلسمات- فهو المقدم فيها الشيخ الآجل أبو موسى جابر بن حيان الصوفي منشئ كتاب المنتخب)ـ



وأما الرجل الثاني الذي تسمى قديماً باسم الصوفي فهو أبو هاشم الكوفي وأنه أول من بنى خانقاه (دار خاصة للمنقطعين إلى التصوف) للصوفية في الرملة، وأنه كان يلبس لباساً طويلاً من الصوف كفعل الرهبان وكان يقول بالحلول والاتحاد مثل النصارى غير أن النصارى أضافوا الحلول والاتحاد إلى عيسى عليه السلام وأضافهما هو لنفسه ويقول الدكتور كامل الشيبي


ـ"ويظهر من كل ما دار حول أبي هاشم أن أخباره كانت قليلة وهي في اضطرابها تعدل الأخبار الواردة عن جابر بن حيان أو تزيد، ولكن أبا هاشم على كل حال كان معاصراً لجعفر الصادق أي معاصراً لجابر بن حيان ويسميه الشيعة مخترع الصوفية وينقلون عن الصادق أنه قال فيه (إنه فاسد العقيدة جداً، وهو ابتدع مذهباً يقال له التصوف وجعله مقراً لعقيدته الخبيثة) كل ذلك لينفوا أن يكون التصوف من اختراع شيعي وذلك أمر يدل على التنصل من مسؤولية لم تمحص نتائجها ولا أغراضها" أ.هـ (الصلة بين التصوف والتشيع)ـ


وأما عبدك الصوفي فيذكر الدكتور كامل الشيبي أيضاً أن الدكتور قاسم غني نقل عن ماسنيون أنه كان آخر شيوخ فرقة نصف شيعية ونصف صوفية تأسست في الكوفة، وظهرت كلمة (صوفية) في آثار المحاسبي والحافظ اسما لها، وأن (عبدك) هذا كان رجلاً منزوياً زاهداً توفي ببغداد سنة 210هـ وأنه أول من أطلق عليه اسم الصوفي وكان يطلق في ذلك الحين على بعض زهاد الكوفة من الشيعة، وعلى مجموعة من الثائرين في الإسكندرية، وأن (عبدك) هذا كان من كبار المشايخ وقدمائهم قبل بشر بن الحارث الحافي، والسري بن المغلّس السقطي، و(عبدك) هذا كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام محرم لا يجوز الأخذ منها إلا القوت من حيث ذهب أئمة العدل، ولا تحل الدنيا إلا بأيام عادل، وإلا فهي حرام ومعاملة أهلها حرام. ولا يجوز الأخذ إلا مقدار القوت فقط


ويضيف كامل الشيبي أن اسم (عبدك) هذا هو عبدالكريم وأن حفيده محمد بن عبدك كان مقدم الشيعة. وهكذا يبدو عبدك هذا جامعاً لاتجاهات عديدة مختلفة نابعة من التشيع الممتزج بالزهد الذي انتشر في الكوفة وأنه أول كوفي يطلق عليه اسم الصوفي...

ويعلق الدكتور كامل الشيبي على كل هذا قائلاً
ـ"أما بعد فإن نتيجة هذا كله أن كلمة (صوفي) التي قطع الباحثون المحدثون بصدورها عن الصوف قد صارت كذلك لأن الصوف قد عم زهاد الكوفة نفسها حيث ظهرت هذه الكلمة أولاً. وقد اشتق التصوف من الصوف. وقد رأينا أن لبس الصوف قد نبع من بيئة الكوفة التي عرف تمسكها بالتشيع ومعارضتها وحربها بالسيف أو بالقول أو بالقلب لمن نكل بالأئمة العلويين. وذلك -إذا صح- يقطع بأن التصوف في أصوله الأولى كان متصلاً بالتشيع"ـ

ـ (الصلة بين التصوف والتشيع ص272)ـ


ـ2- أوجه التلاقي بين التصوف والتشيع
المطلع على حقيقة مذاهب الصوفية، وعلى حقيقة مذاهب التشيع يجد أن المذهبين ينبعان من أصل واحد تقريباً ويهدفان في النهاية إلى غاية واحدة ويشتركان في عامة العقائد والشرائع التي ينتحلها كل منهم. وإليك التفصيل لهذا الإجمال


أ-ادعاء العلوم الخاصة
أول شيء يحب الشيعة أن ينفردوا به عن سائر فرق المسلمين أن عندهم علوماً خاصة ليست مبذولة لعموم الناس وهم ينسبون هذه العلوم تارة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بزعم أن عنده أسرار الدين، وأنه وصي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كتم عنده ما لم يطلع عليه باقي المسلمين، وتارة يزعمون أن عندهم علوم الأئمة أولاد علي من فاطمة وأن هؤلاء الأئمة يعلمون الغيب كله ولا يخطئون ولا ينسون، ولا يستطيع أحد أن يفهم الإسلام إلا من طريق الأئمة، فأسرار القرآن وحقيقة الدين عند الأئمة وحدهم، وتارة يزعمون أن عندهم قرآناً خاصاً يسمونه قرآن فاطمة وأنه يعدل هذا القرآن الذي بأيدي المسلمين ثلاث مرات (الدين بين السائل والمجيب للحاج ميرزا الحائري الإحقاقي ص89)ـ
وليس فيه حرف من القرآن الذي بأيدي المسلمين اليوم. وأخرى يزعمون أن عندهم الجفر، وهو جلد قد كتب فيه كل العلوم
وهكذا يزعمون لأنفسهم علوماً في الدين ليست عند أحد إلا عندهم فقط، ومرة أخرى يزعمون أن عندهم التفسير الحق لآيات القرآن بل يقولون إن الله بعث محمداً بالتنزيل (يعني حروف القرآن) وبعث علياً بالتأويل - (يعنون التفسير) (فرق الشيعة ص38)


ولقد درج المتصوفة أنفسهم على هذا المنوال نفسه فأعظم ما يلوح به المتصوفة ويتفاخرون به على الناس أن لديهم علوماً لدنية لا يطلع عليها إلا هم ولا يصل إليها إلا من سار على طريقهم بل إنهم احتقروا ما عند عامة المسلمين بل والرسل أنفسهم بجوار ما زعموا لأنفسهم من العلم كما قال كبيرهم أبو يزيد البسطامي: "خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله" وقال أيضاً: "أخذتم علمكم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت يقول أحدكم: حدثنا فلان عن فلان وأين فلان قالوا مات، وأما أحدنا فيقول: قلبي عن ربي".

وهكذا زعم المتصوفة أنهم أصحاب الكشف والعلوم اللدنية وأن من سار خلفهم تلقى عنهم واستفاد منهم، بل إنهم يزعمون ربط قلب المريد بقلب الشيخ ليتلقى العلم اللدني من الشيخ، ثم إن الشيخ أيضاً يربط قلب المريد بالرسول ليتلقى العلوم اللدنية من عند
الرسول صلى الله عليه وسلم...

وجعل المتصوفة كذلك مصدر علومهم الخاصة التأويل الباطني للقرآن والحديث حيث يزعمون تارة أنهم تلقوا هذا التأويل من الله، وتارة يزعمون أنه من الملك، وأخرى أنه بالإلهام وكذلك ينسبون علومه الباطنية إلى معرفة أسرار الحروف المقطعة في المصحف، والتلقي عن الخضر عليه السلام، بل والزعم بأن تلقيهم يكون أحياناً عن اللوح المحفوظ بالسماء، وهذا عين ما ادعته الشيعة أيضاً في أئمتهم حيث زعموا لهم أنهم يعلمون الغيب وأنه لا تسقط ورقة إلا يعلمونها، ولا يحدث حدث في الأبد أو الأزل إلا هم على علم منه. وهذا عما ادعته المتصوفة لأنفسهم وأئمتهم.وهكذا تتطابق عقيدة التشيع مع معتقد المتصوفة في قضية العلم الباطني حتى لكأنهما شيء واحد


ب- الإمامة الشيعية والولاية الصوفية
ما زعمه الشيعة في أئمتهم هو عين ما ادعاه المتصوفة فيمن سموهم بالأولياء أيضاً. فقد بني مذهب الرفض على أن الأئمة أناس مختارون من قبل الله سبحانه وتعالى لقيادة الأمة بعد الرسول، وأنهم لذلك يملكون علوماً خاصة لدنية، وهم لذلك لا يخطئون ولا ينسون ولهم منزلتهم من الله التي استحقوها استحقاقاً ووهباً واختصاصاً واجتباءً ثم غلوا في هؤلاء الأئمة فجعلوهم آلهة أرباباً بكل ما تحمله الكلمة من معان فهم متصرفون في كل ذرات الكون، وهم يدخلون الجنة من شاءوا ويدخلون النار من شاءوا، ومن الرافضة من جعل روح الله حالة فيهم كما قالت الإسماعيلية والنصيرية، ومنهم من جعل منزلتهم فوق منازل الأنبياء والرسل والملائكة جميعاً وقال: "إن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل وأنهم يتحكمون في قرارات هذا الكون" (الخميني في الحكومة الإسلامية ص54)ـ


وهذه العقائد نفسها هي التي أخذها المتصوفة وأطلقوها على من سموهم بالأولياء فكما خلع الرافضة صفات الألوهية والربوبية على الأئمة خلع المتصوفة صفات الربوبية والألوهية على الأولياء المزعومين. فجعلوهم أيضاً متصرفين في الكون أعلاه وأسفله ويعلمون الغيب كله، ولا يغرب عنهم صغير من أمر العالم أو كبير، وأن مقامهم لا يبلغه الأنبياء والملائكة، وأنهم نواب الله في مملكته والمتصرفون في شأن خلقه، وأنهم يدخلون الجنة من شاءوا ويخرجون من النار من شاءوا

وإذا كان الرافضة قد جعلوا بعد مقام الإمامة مقامات أقل من ذلك كالنقباء وهم وكلاء الإمام॥ وهذه الفكرة نفسها قد أخذها المتصوفة وجعلوا مقام الولي الأعظم وسموه القطب الغوث، ثم يليه الأقطاب الثلاثة ثم يليه الأبدال السبعة ثم النجباء السبعون وهكذا.. مقتبسين كل ذلك من الترتيب الشيعي للولاة والأئمة.. وهكذا يتطابق الفكر والعقيدة الرافضية في الإمامة مع العقيدة الصوفية في الولاية

للمزيد


بعض الصور الغريبة

الجمعة، 4 مارس 2011

الشيخ محمد حسان‏:‏ لسنا حزبا أو جماعة‏..‏

فتاوى علماء استغلها نظام القذافي

فتاوى علماء استغلها نظام القذافي

ماهى أسباب الضيق والقلق والحالات النفسية


أسباب الضيق والقلق والحالات النفسية

يكثر عند الناس الهمُّ والغمُّ والضِيق والحرج وكثرة المشاكل التي -من وجهة نظر البعض منهم- أنه لا حل لها، وربما لجأ صاحب تلكم الهموم إلىٰ معالجتها بما حرَّمَ الله -جلَّ وعلا-، وربما ذهب إلىٰ أعظمَ من ذلكَ وأخطر؛ فيذهب إلى الكُهَّان والسَّحَرَة والدجَاجِلَة والمشَعْوِذِين، وربما أنه لم يفعل سببًا من الأسباب التي قد يُفرِّج الله بها عنه، ويجعل له من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، مع أنها قد تكون في متناول يده؛ لٰكنه يلجأ إلىٰ الحرام، ويلجأ إلى ما ينطبق عليه قول القائل: "وَدَاوِنِي بالتِي كَانَت هِي الدَاءُ"ـ

يشكو الكثيرُ من القلق النفسي بسبب هذه الدنيا وحُطامها الزائل ومفاتنها الزائلة، يشكو فقرًا، أو ضيق حالٍ، أو مشاكل أسريةٍ، وفسادٍ في الأموال والأولاد، وخسارةٌ تتلوها خسارة في أمور الدنيا الزائلة، ومشاكل الأسهمِ والبورصة وما إلى ذلك مما قد يشكو منه الكثير.ولٰكنَّ المصيبة أن البعض لا يستعمل الدواء، يعرف الداء وربما عرف الدواء أيضًا، فيترك استعمال هذا الدواء أو يستعمل الداء بدلاً من أن يستعمل الدواء، ويظن أن هذا الداء الذي لجأ إليه يُفرِّجُ عنه همه، ويُنفِّثُ عنه كربته، ويخفِّفُ عنه مصابه، فيظل في دوامةٍ من داءٍ أصابه إلى داءٍ يظن أنه يكشف ما به إلى داءٍ آخر، فتتكاثر الأدواء، وتعظم الهموم، وتضيق الأحوال من سيءٍ إلى أسوأ،هل قام هذا الذي ابتُلي بتلك الهموم والغموم بما ينفع الله به، ويجعل الله له به من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا ومن كل بلاءٍ عافية؟

أم أنه ينطبق عليه قول القائل
ـ«ومن العجَائبِ والعجَائبُ جمَّةٌ ... قُربُ الحبيبِ وما إليه وصولُ
كالعِيسِ في البيْدَاءِ يقتُلُها الظَمَا ... والماءُ فوقَ ظُهُورِها مَحمولُ»ـ


نعم، إنه كذلك؛ كالعيسِ في البيداء يقتلها الظما؛ العيس هي: الإبل تسير في الصحراء وتموت عطشًا وربما كان الماء على ظهورها، محمولاً في قِرب الماء أو في أواني الماء؛ «كالعِيسِ في البيْدَاءِ يقتُلُها الظَمَا ... والماءُ فوقَ ظُهُورِها مَحمولُ»إن العلاج في متناول يدك يا عبد الله! ـ إن الدواء موجودٌ لمن أراد أن يتداوى به، إن الدواء واضحٌ لمن أراد الدواء الشافي ولجأ إلى الله الكافي الشافي، إنه واضحٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، أما من تغافل وتغابىٰ فلن يجد الدواء، وسوف تُظْلِم في وجهه الدنيا، وتضيق أحواله، وتنحدر إلى ما هو أصعب؛ ذلك أنه لم يستعمل الدواء الذي به يُفرِّج الله الكُربات، ويقيل العثرات، ويمحو السيئات، ويرفع الدرجات، ويضاعف الحسنات، ويقرب من رب الأرض والسماوات, غير أنَّ الكثير من الناس لا يريد هذا الدواء وإن كان في متناول يد؛ بل تجده -والعياذ بالله- يعالج الداء بالداء، فربما لجأ إلى بعض المحرمات

كمن يلجأ إلى الدخَان يظنُّ أنه يخفف عنه مصابه، وأنه يجلُو همَّهُ وغمَّهُ، ويُذهبُ حَزَنَه ويخفف آلامه، وربما لجأ إلى الغناء والفجور والمجون والفسوق يظنُّ أنه يخفف مصابه ويزيل همه وغمه، وربما لجأ إلى الخمور والمسكرات والمخدرات والمفتِّرَات ويظنُّ أن ذلك يخفف مصابه ويجلو همه وغمه، وربما لجأ إلى فعل المحرمات الأخرى يتسلى بها ويقضي بها أوقاته ويظنُّ أن ذلك هو طريق الخلاص.وأظنني أوردت على مسامعكم ذات يومٍ صاحب السؤال الذي جاءني يومًا ما وقال: إنه يجد كثيرًا من الهموم والغموم؛ ومن ذلك.. أنه يعني تزوج فجاءه الأولاد وأم الأولاد وغلَّقوا عليه الأبواب، وخنقوه وفعلوا فيه ما فعلوا، فكان من قصته أنه ذهب يتداوىٰ في مرقص، وفي مكانٍ يُشهر فيه الخنى والفجور، يقول: وأخذت أسبوعًا فما ازددت إلا سوءًا

قلت له : يا مسكين! كم بينك وبين مكة؟ ألا ذهبت إلى مكة وأتيت بعمرةٍ وشربت من زمزم؟ ألا تلوت كتاب الله -جل وعلا-؟ ألا دعوت ربك ولجأت إليه مادمت بهذا الضعف؟ ألا لجأت إلى ربك وخلوت تحاسب نفسك؟ ألا قمت آخر الليل عندما ينزل سبحانه، الله-تبارك وتعالىٰ- إلىٰ السماء الدنيا فينادي عباده حينما يبقى الثلث الأخير من الليل: من يسألني فأعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ بدلاً من أن تدَاوِيَ الداء بالداء، تلجأ إلىٰ المراقص وإلى بيوت الخنى والفجور تظن أنها تخفف عنك آلامك، وأنها تُذهِب أحزانك وهمومك، وأنها تُقربك إلى الناس وتجعلك تعيش في عالمٍ آخر! إنها لا تزيدك إلا وهنًا، ولا تزيدك إلا مرضًا، ولا تزيدك إلا همًا علىٰ همّ، وغمًا على غمّ،ألا لجأت إلى فارج الكروب لتظفر بالمطلوب؟ألا لجأت إلى من يناديك ويدعوك: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[4]ـ

ألا لجأت إلى علاَّمِ الغيوب الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين؟
ألا بثثت همك وحزنك إليه، كما بثَّ يعقوب -عليه السلام- حزنه، وبثَّ همه وشكا أمره إلى ربه -تبارك وتعالىٰ- حتى جعل الله له من كل همٍ فرجًا ومن كل ضيقٍ مخرجًا؟ألا تلجأ إلى من لجأ إليه يونس -عليه السلام- عندما كان في الظلمات الثلاث في بطن الحوت وفي وسط البحر وفي الظلام ثم قال: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"؛ فأخرجه الله –عزَّ وجلَّ- من بطن الحوت، وأنبت عليه تلك الشجرة من اليقطين، ويجعله ينشأ شيئًا فشيئًا حتى؛ رد الله عليه عافيته وأرسله إلى مئة ألفٍ أو يزيدون؟
ألا لجأت إلى هازم الأحزاب ومُنشئ السحاب ومنزل الكتاب؟
ألا لجأت إلى من يناديك صباح مساء: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[5]؟
ألا تلجأ إلى من هو أرحم بِكَ من نفسك؟
ألا تلجأ إلى من يعطي الكثير ويَهَبُ الجزيل؟


ألا تلجأ إلى من ينادي عباده في كل يوم ويدعوهم إلى التوبة والمغفرة والاستغفار؟ ألا تلجأ إلى من يدعوك إلىٰ طريق الهدى والصلاح فتسلكه فتنجو في الدنيا والآخرة؟ أم أنك كلما ضاقت عليك الأرض بما رحبت لجأت إلى معالجة الداء بالداء؟ إن الأمر جد خطيرٍ ! هل يلجأ المرء إلى عدوه لينصره؟ هل يلجأ أحدٌ إلى الشيطان من أجل أن يُصبِّرَه؟
إن البيوت تغصُّ بهؤلاء الذين تصيبهم الحالات النفسية والاضطرابات العصبية والجنون وضعف العقل أو فقده، كلُّ ذلك مردُّه إلى ضعف الالتجاء إلىٰ الله -سبحانه وتعالىٰ- ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾[6]ـ كيف تترك الدواء وهو في متناول يدك يا عبد الله!؟ كيف تترك الدواء وهو قريب منك ولا يكلفك أثمانًا باهظة ولا مستشفيات ولا صيدليات؟

أنا لا أقول لك إنك لا تتداوى، ولكن تداوى بما أباح الله لك، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي؛ ولٰكن نهانا أن نتداوى بما حرَّمَ علينا، فالدواء موجودٌ لمن أرداه،ومن ألوان الأدوية -التي هي في متناول اليد يا عبد الله!ـ
أولاً: إعادة النظر في علاقتِك بربكَ

إعادة النظر في علاقتك مع ربك من حيث لزوم طاعته والبعد عن مساخطه، فإن هذا أعظم سلاح، وأعظم دواء، وأعظم خيرٍ، وأعظم طريقٍ ينجيك الله تعالى به من هذه الأدواء في الدنيا والآخرة؛ أن تبادر إلى التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله -سبحانه وتعالىٰ-، والتعلق به، أن تبادر التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله تعالىٰ والتعلق به والانطراح بين يديه ولزوم طاعته، وكذلك البعد عن معاصيه، والبعد عن أسباب الهلاك التي ربما –يعني- تلك الأشياء التي إذا وقع فيها تبعده عن الله؛ ولكن عليه أن يتناول ذلكم الدواء


المبادرة إلى طاعة الله والبعد عن المعاصي والذنوب التي تُقسي القلب وتبعده عن الله، التوبة الصادقة إلى الله من جميع الذنوب والخطايا؛ فإن التوبة الصادقة النصوح التي توافرت شروطها من: الإقلاع من الذنب، والعزم على عدم العودة، والندم على ما فات، ورد حقوق الناس التي عندك. إذا تحقق ذلك؛ تحققت توبتك، وزالت حوبتك، وقرُبت من ربك، الذي يناديك كلما بعدت عنه، ويناجيك ويطلبك لتعود إليه، ويحثك ويرغبك

ـ ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[7]ـ

وها هو يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا﴾[8]، ويقول تبارك وتعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[9]ـ

ويقول تبارك تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾[10]، ويقول جل وعلا: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾[11] ـ

إلى غير ذلك من الآيات التي تحثُّ على التوبة،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم -الذي غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- يعدون له في اليوم من التوبة والاستغفار أكثر من سبعين مرة، وفي رواية: أكثر من مئة مرة، فتأسَّى به يا عبد الله! فإنه ما وقع بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفِع إلا بتوبة. وما رُفِعَ إلا بتوبة
الإكثار من الحسنات والصدقات، فإن الحسنات يُذهبن السيئات


البعد عن الأجواء التي توقعك في المآسي وفي الآثام وفي الذنوب

واستبدالها بمجتمعٍ آخر تسود فيه الطاعة، ويسود فيه الخير

ويكون بعيدًا كلَّ البعد عن الخنى والفجور والمجون ومواطن الزيغ والضلال
وكذلك الإكثار من الدعاء، وذكر الله -جلَّ وعلا


فالدعاء سلاح المؤمن، ويسميه أهل العلم: سهام الليل، فلتكثر من سهام الليل ولتجتهد فيما يُقرِّبُك إلى الله
أن تُشغِل نفسك بما ينفع من طاعةٍ تقربك إلى الله


أو عملٍ طيبٍ يعود عليك بالخير ولو كان من أعمال الدنيا المشروعة المباحة، والاشتغال بذلك، وعدم إضاعة الوقت فإن إضاعة الوقت أخطر ما تكون على المرء، ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ)) [12]. فأنت إذا استسلمت لهواجسك ولم تشغل نفسك بما ينفعك في أمر دينك ودنياك؛ فإن هذا سوف يزيد من همومك، ويزيد من غمومك فضلاً عن كونه يُقْسِي قلبك ويبعدك عن الله -سبحانه وتعالى
هذه بعض وسائل العلاج لمن أراده ولمن أراد تناوله

أما من أعرض وابتعد فإنه ستزيد أحواله سوءًا : ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾ [13] فهذا هو بعض أمور العلاج !ـوكله يعود على الاعتماد على الله -تبارك وتعالى- واللجوء إليه، والانكسار بين يديه، ودعاءه، وذكره وتلاوة كتابه، والبعد عن مواطن الخنى والمجون، وما إلى ذلك من الوسائل التي تقربك إلىٰ الله، ويجعل الله لك بها من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ومن الأسباب التي يُلجأ إليها بعد الله -تبارك وتعالى-: هي الصلاة ، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزِع إلى الصلاة، وكان يقول عليه الصلاة والسلام: ((أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلاَلُ))[14]، وكان يقول أيضًا: ((وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِيَ فِي الصَّلاَةِ)) [15]، فإذا نابك أمرٌ فلتقم ولتتوضأ ولتصلي ركعتين وتلجأ إلى الله -عز وجل-، وتسأله ما شئت من خيري الدنيا والآخرة،فالصلاة تغسل من الذنوب، ويُفرِّج الله بها الكروب ، تغسلك من الذنوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ؟ قالوا: لا، قال صلى الله عليه وسلم: كَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا)) [16]ـ

فلنجتهد في اللجوء إلىٰ الله -تبارك وتعالىٰ-، والتعلق به والانطراح بين يديه واللجوء إليه سبحانه في كل صغيرةٍ وكبيرة؛ حتى يتحقق لك ما تريد، وحتى تصل إلى بَرِّ النجاة، وحتى تتداوىٰ، وتخلص مما أنت فيه من همومٍ وغموم. إذا وثَّقت صلتك بربك واتبعت هذه الخطوات التي أشرنا إلىٰ بعضٍ منها


أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلىٰ أن يجعل لنا وإياكم من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يوفقنا وإياكم للعمل بما يرضيه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين

ماهى أسباب الضيق والقلق والحالات

ـ[4] [البقرة: 186]ـ
ـ[5] [غافر: 60]ـ
ـ[6] [الأعراف: 96]ـ
ـ[7] [الزمر: 53]ـ
ـ[8] [التحريم: 8]ـ
ـ[9] [النور: 31]ـ
ـ[10] [النساء: 17]ـ
ـ[11] [الفرقان: 70]ـ
ـ[12] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَكِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ: 5933
ـ[13] [طه: 124 – 126]ـ
ـ[14] رواه أبو داود وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (1253- (13))ـ


فضيلة الشيخ صالح بن سعد السحيمي

ألفـاظ وأحاديـث خاطئــة


ألفـــــاظ وأحاديـــث خاطئــــــة

منصور محمد الشريدة

1- إن مما انتشر بين فئام من الناس حديث ليس له أصل ولم يرو في كتب السنة: «التحيات اسم طائر في الجنة على شجرة يقال لها الطيبات بجانب نهر يقال له الصلوات » فلا تنشر أخي حديثاً لم تتثبت منه.
2- من أقاويل الصوفية ( الأجر على قدر المشقة) وهي غير مستقيمة على أطلاقها، وصوابها : ( الأجر على قدر المنفعة) أي منفعة العمل وفائدته كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
3- استعمل بعض العامة كلمة (الله بالخير) في التحية بدل قولهم صبحك الله بالخير أو الله يصبحك بالخير وهذا خطأ وبعضهم يبدأ بها قبل السلام.
4- يوصف المسلم المستقيم (بالملتزم) قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – (لا ينبغي تسمية المسلم (ملتزم) لأنه لم يرد في الكتاب والسنة، إنما يسمى مستقيماً ، لقوله تعالى: { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقامو } الآية.
5- وسئل الشيخ بن عثيمين – رحمه الله تعالى – عن قول : (فلان ما فيه خير أبداً)، فأجاب : (نفي الخير أبداً عن المؤمن لا يجوز، لأن المؤمن خيِّر. و إذا كان عامياً فإن فيه خيراً وشراً).
6- قولهم للمرضة الكافرة (سستر) : قال الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد: هذه اللفظة باللغة الإنجليزية بمعنى الأخت وقد انتشر النداء بها في المستشفيات للمرضات، وبخاصة الكافرات.
7- التنحنح أو التهليل أو الإسراع عند دخول المسجد من أجل أن ينتظره الإمام: وهذا الفعل غير مشروع، والأفضل له أن يأتي إلى المسجد بسكينة ووقار، فما أدركه من الصلاة صلاه، وما فاته أتمه وقضاه.
8- قول بعضهم عن الميت (المرحوم فلان) أو (المغفور له فلان) أو (الشهيد فلان) وكل هذه الألفاظ غير صحيحة حيث أنها من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى. أما المسلم فيرجى له المغفرة والرحمة ويدعى له بها والرسول صلى الله عليه وسلم قال كما في صحيح البخاري (والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي).
9- عبارة (الزواج نصف الدين) هذا ليس بحديث ولا يتفق مع الدين، وكأن الشباب العزب يعيش بنصف دينه.
10- يقول البعض (فلان معبود الجماهير) يقصدون اللاعب الفلاني أو الممثل الفلاني، وهذا جهل وشرك، لأن العبادة لا تجوز إلا لله وحده، وقد خلق الخلق لعبادته، قال الله تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }.
11- قول البعض (ما صدقت على الله أن يحصل هذا الأمر) وفي هذه اللفظة نسبة العجز لله تعالى والله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، وأن قال: «ما توقعت أن ينقضي هذا الأمر، فهو الأفضل».
12- قول بعضهم (يعلم الله أني ما عملت كذا وكذا) ، وهذه عبارة خطيرة أن قلت يعلم الله أني ما عملت كذا وأنت قد عملته فمقتضى ذلك أن الله لا يعلم هذا الأمر ومعلوم أن من نفي عن الله العلم فقد كفر فلينتبه من هذه العبارة فهي حرام بلا شك. أما إذا كان مصيباً، والأمر على وفق ما قال فلا بأس بذلك.
13- من الناس حينما يأتيه أحد يخبره بشيء يقول له: (خير يا طير) وهذه منتشرة عند كثير من الناس ومعلوم أن أهل الجاهلية إذا وقعت على بيته بومة تطير منها، وبعضهم إذا أراد أن يسافر وجاءت الطيور من على يساره لا يسافر فنقول هذه الكلمة مما علق على ألسنة الناس فينبغي الابتعاد عنها.
14- قول بعض الشباب عند التحدي (لم يخلق من يردلي كلمة أو من يفعل كذا وكذا). وفيها الكثير من الكبر والغرور والأمن من مكر الله، وإدعاء علم الغيب بأن من يرد كلمة القائل لم يخلق بعد.
15- (ساعة لربك وساعة لقلبك) أو يقول (ساعة وساعة) وهذه كلمة يقولها أصحاب الأهواء والمنكر في بعض الأحيان يقصدون بها تبرير باطلهم، ويقصدون بها أيضاً أن العبد يصلي ويعبد الله، وفي نفس الوقت يفعل ما يمليه عليه قلبه وهواه في الساعة الأخرى ويفهم الحديث على غير معناه وهو أن المسلم أن لم يكن في عبادة فهو مشغول في أمور دنياه المباحة من أكل وشرب ولباس ونوم وغيرها.
16- قول بعضهم إذا سمع أو شاهد أحد نجا من الموت (فلان بسبعة أرواح) وهذا من الخطأ في القول، فالموت إذا جاء لا يمنعه غير الله جل وعلا كما قال { ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون }.
17- قول بعضهم (العصمة لله) : هذه العبارة يمكن أن تقال في حق (الرسل) لأن الله حفظهم ورعاهم صيانة لشرعه ودينه من الالتباس والاشتباه والزلل والزيغ ( والله يعصمك من الناس) أما إطلاق هذا التعبير على الله جل وعلا فهذا لا يجوز إذا العصمة لا بد لها من عاصم، وقائلها قد يوحي بأن هناك عاصماً عصم الله – عز وجل – فالعصمة لا تقع على الله، وإنما تقع على من عصمه الله من عباده. والله (عاصم) وليس (بمعصوم).
18- قول البعض عند سماع النصيحة (الأخرة متسأخرة) وهذه عبارة خاطئة أي لا تحمل هم الأخرة وهذا من التسويف وعمل الشيطان، فإن الإنسان إذا مات قامت قيامته والموت من الأمور الغيبية التي لا يعلم أحد متى وقوعه إلا الله تعالى.

19- عندما يصاب أحد أو جماعة بمصيبة يقول بعض الناس هذه (عقوبة) وهذا جهل، لأن المصيبة قد تكون عقوبة من الله وقد يكون ابتلاء وتمحيص ورفعة لمنزلة هذا المصاب وتكفيراً لسيئاته إذا كان تقياً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من يرد الله به خيراً يصب منه). وقوله (إذا أحب الله قوماً ابتلاهم).
20- مقولة (اتق شر من أحسنت إليه) . وهذه العبارة خاطئة من وجوه منها، إساءة الظن بالمسلم، واتهام له في حال الإحسان إليه، وفيها دعوة لترك الإحسان والتزهيد فيه.
21- يكتب أحياناً عند خبر وفاة أحد الناس في الصحف قول الله تعالى: { يا أيتها النفس المطمئنة } وقد سئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – ما حكم قولهم إياها. فأجاب: هذا غلط، وما يدريهم بذلك، بل المشروع الدعاء له بالمغرفة والرحمة، ويكفي ذلك.
22- قول بعض الأئمة (استقيموا) قبل الصلاة، وهي مأخوذة من الاستقامة على دين الله وليس هذا محلها ومعلوم أن الأدعية توقيفية ولا يشرع تغيير معناها والمشروع أن يقال : (أقيموا صفوفكم) وما أشبه ذلك وعلى ما أظن أنه مع مرور السنين تغيرات من (استقيموا) إلى (أقيموا) والله أعلم.
23- قول بعض العوام (حجر إسماعيل) وهذه التسمية خطأ ليس لها أصل. وإسماعيل لم يعلم عن هذا الحجر ولذا فقل (حجر) فقط.
24- (خواجه) أو (خواجات) وهذه عبارة يطلقها البعض على الأجانب (غير المسلمين) وهي لفظة فارسية معناها كالسيد والمطاع، ففيها من التعظيم لهم ما لا يخفى ، فالأحرى بالمسلم اجتنابها।




الموضوع الأصلي: ألفـاظ وأحاديـث خاطئــة || الكاتب: حفيدة الفاروق || المصدر: ملتقى السنة